للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه، وكان في ذلك تثبيتًا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم، وكما قال تعالى في حكمةِ نزولِ القرآني منجمًا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (١).

أيها المسلمون إذا كان نزولُ القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم متأخرًا عن الكتب السماوية الأخرى، فقد جعله اللهُ مصدقًا لكتب قبله، ومهيمنًا عليها {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (٢).

أجل لقد نزل كتاب الله مصدقًا لما أخبرت به الكتبُ السماويةُ، وأخبر به الأنبياءُ السابقون، ولهذا لم يستنكرهُ المؤمنون العالمون أهل الكتاب بل خروا له سجدًا {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (٣).

وفي موضع آخر يقول عن قساوسة ورهبانِ النصارى الذين لا يستكبرون: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} (٤).

أيها المسلمون إذا تطاولت النصارى- اليوم- واليهودُ من باب أولى على كتاب الله، وخالفوا أمره ونهيه، وآذوا المؤمنين به، وسخروا بأتباعه فذلك جزءٌ


(١) سورة الفرقان، الآيتان: ٣٢، ٣٣.
(٢) سورة المائدة، آية: ٤٨.
(٣) سورة الإسراء، الآيات: ١٠٧ - ١٠٩.
(٤) سورة المائدة، الآيتان: ٨٣، ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>