للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أخا الإسلام، وإنما يُنهى عن الحزن لأنه لا يجلبُ منفعةً، ولا يدفع مضرةً فلا فائدةَ فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمرْ به الله (١).

ويُنهى عن الحزن لأن فيه نسيانُ المنةِ لرب العالمين بما أنعم عليكم من نعم قد تغيبُ عنك كلُّها أو بعضُها حال حزِنك، فلا تتذكرُ إلا هذه المصيبة في نظرك، وقد يكون فيها هي الأخرى خيرٌ لك وأنت لا تدري، وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.

ويُنهى عن الحزن لأن فيه بقاءً في رقة الطبع، وحبسًا للنفس في سجن التضجر والتشكي، والنفسُ مولعةٌ بحب العاجلِ، وهي كالطفل إن تتركه شب على حب الرضاع وإن تفطمهُ ينفطم (٢).

يا أخا الإيمان .. ويَنهى عن الحَزَنِ لأنه يُضعفُ القلبَ، ويوهنُ العزم ويضرُ الإرادة، وهو بهذا مرضٌ من أمراضِ القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره.

وهل علمتَ أن الحزَنَ مدخلٌ من مداخلِ الشيطان على الإنسان يُحزنه ليقعَد به عن عمل الصالحات وهوُ يكثر عليه الهواجس والخطرات، ثم يتركه صريعَ الهمِّ، ممتلئًا بالحزن .. لا تقوى نفسهُ على عمل الصالحات وتضعفُ في مقاومة الشهوات، وليس بمقدور الشيطان أن يضرَّ أحدًا إلا بإذن الله وعلى من أُصيب بشيء من ذلك أن يستشعر عظمةَ الله ويتوكل عليه {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٣).

يا أخا الإيمان فإن قلت وما بال المؤمن لا يحزن وهو يشعر بتقصيره في حقِّ


(١) الفتاوي ١٠/ ١٦.
(٢) بتصرف من طريق الهجرتين ص ٥٠٢.
(٣) سورة المجادلة، آية: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>