الله، وما باله لا يأسف هو يرى عمرَه ينقرض في تحقيق الملذاتِ، دون أن يعمل عملًا لائقًا لجنةِ عرضُها الأرضُ والسموات؟ .
وما بالُ المؤمنين لا يحزنون، ومصائبُ إخوانهم المسلمين تترى، وقضاياهم تتحكم فيها الأهواءُ، ويسوسهم فيها الأعداء وأنى لقلبٍ لا يحزن، وكلمةُ الحقِّ، وأصواتُ المُحقين تكاد تخنق، بينما يملأ الآفاق ضجيجُ الباطل، ويكثر سوادُ المبطلين.
وما بال قلبٍ عمرته الرحمةُ لا يحزنُ لمصاب عزيز، وأيُّ عينٍ لا تدمع لفقدِ حبيب وتلك رحمةٌ جعلها الله في قلوب العباد؟
إن قلتَ ذلك أو عددت غيرَه مما يدعو للأسى والحسرة والهم والحزن أجبتُ بأن الحزَنَ لا يُحمد لذاتِه وإنما يحمد لسببه ومصدره ولازمهِ دون أن يُفضي به الحزنُ إلى القعودِ عن فِعل الأسباب الموصلة إلى الله يقول شيخ الإسلام ابنُ تيميه رحمه الله: وقد يقترن بالحزن ما يثابُ صاحبهُ عليه ويحمد عليه، فيكونُ محمودًا من تلك الجهة لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبةٍ في دينه، وعلى مصائب المسلمين عمومًا، فهذا يُثاب على ما في قلبه من حبِّ الخير وبغضِ الشرِّ وتوابع ذلك إلى قوله: ولكن الحزنَ على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمورٍ من الصبرِ والجهاد وجلبِ منفعةٍ ودفعِ مضرةٍ نُهي عنه.
إلى أن يقول: وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغالِه به عن فعلِ ما أمر اللهُ ورسولُه به كان مذمومًا عليه من تلك الجهة وإن كان محمودًا من جهة أخرى (١).
يا أخا الإسلام وإذا حزنت على شيءٍ تكرهه فلا تتسخطْ ولا تعترضْ على