للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادَ الله إن للإيمان والاستقامة على الحق أثرًا حميدًا حاضرًا ومستقبلًا، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (١).

وطاعة الله ورسوله سببٌ للفوز والفلاح كما قال تعالى: {وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٢).

وتأمل يا أخا الإسلام نعيمَ الأبرار، وجحيم الفجار الوارد في قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (٣).

يقول ابنُ القيم رحمه الله: ولا تظنَّ أن قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} مختصٌّ بيوم المعادِ فقط، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة، وهؤلاء في جحيم في دورهم الثلاثة وأيُّ لذةٍ ونعيمٍ في الدنيا أطيبُ من برِّ القلوب، وسلامةِ الصدر ومعرفةِ الربِّ تعالى ومحبتِه، والعملِ على موافقته، وهل العيشُ في الحقيقة إلا عيشُ القلب السليم، وهو الذي سلم من الشركِ والغل والحقدِ والحسد والشح والكبر وحبِّ الدنيا والرياسة فهذا القلبُ السليمُ في جنةٍ معجلةٍ في الدنيا، وفي جنة قي البرزخ، وفي جنة يوم المعاد (٤).

قال بعض العارفين وهو يستشعر محبة الله ويتنعم بعبادته: أن كنتُ في الجنةِ في مثلِ هذه الحالةِ فإني إذا في عيشٍ طيب (٥).

أيها المؤمنون للرضا بالمقدور والقناعةِ بالميسور أثر في السعادة في الدنيا


(١) سورة فصلت، الآيتان: ٣٠، ٣١.
(٢) سورة الأحزاب، آية: ٧١.
(٣) سورة الانفطار، الآيتان: ١٣، ١٤.
(٤) الداء والدواء باختصار ص ٢١٨، ٢١٩.
(٥) ابن القيم، زاد المعاد ٢/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>