المسلمين وكان حدثًا عظيمًا في الزمان وتغيرًا كبيرًا في الأذهان يوم أن أسلم خالدُ بن الوليد وعكرمة بنُ أبي جهل وعمرو بن العاص وغيرُهم كثير، وما دام الحديث متصلًا عن هجرة الحبشة وآثارها فدونكم خبرَ إسلامِ عمرو بن العاص وهو سفيرُ قريش لردِّ المهاجرين أولًا، والمسلمُ على يد النجاشي آخرًا يقول عمروٌ عن نفسه: كنتُ للإسلام مُجانبًا معاندًا، حضرت بدرًا مع المشركين فنجوت، ثم حضرتُ أحدًا فنجوت، ثم حضرتُ الخندق فنجوت، فقلتُ في نفسي: كم أوضع؟ والله ليظهرنَّ محمدٌ على قريش، فلحقت بمالي بالرهط، ثم بدا لي فلحقت مع رفقةٍ لي بالحبشية بعد صلح الحديبية وقلت نلحق بالنجاشي فنكون معه فإن يظهر محمد كنا عند النجاشي أحبُّ إلينا أن نكون تحت يد محمد، وأن تظهر قريشٌ فنحن مَنْ قد عرفت، فلحقنا به، وذات يوم جاءه عمرو بنُ أمية الضمري بكتاب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزوجه أمَّ حبيبة، فلما خرج من عنده دخلتُ عليه وقلت: أيها الملك خرج من عندك رجلٌ هو رسولُ عدوٍّ لنا قد وترنا وقتل أشرافنا، فأعطنيه فأقتله- يقول عمرو وإنما أردتُ بذلك أن أتخذ يدًا عند قريش بقتل رسول محمد- فلما قلتُ له ذلك غضب النجاشي ورفع يده فضرب بها أنفي ضربة ظننتُ أنه كسره، فابتدرتَ منخراي، وجعلتُ أتلقى الدَّم بثيابي، فأصابني من الذلِّ ما لو انشقت بي الأرض لدخلتُ فيها فرقًا منه، ثم قلتُ أيها الملك لو ظننتُ أنك تكره ما قلتُ ما سألتُك، قال: فاستحيا، وقال: يا عمرو: تسألني أن أعطيك رسولَ من يأتيه الناموسُ الأكبرُ الذي كان يأتي موسى وعيسى لتقتله؟ قال عمرو فغيَّر اللهُ
قلبي عما كنتُ عليه، وقلتُ في نفسي: عرف هذا الحقَّ العرب والعجمُ وتُخالف أنت؟
ثم قلت؟ أتشهد أيها الملكُ بهذا؟ قال: نعم أشهد به عند الله يا عمرو، فأطعني واتبعه، فواللهِ إنه لعلى الحق، وليظهرنَّ على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده،