نعيم الجنةِ لا يزول، فقال لبيد: متى كان يؤذى جليسُكم يا معشرَ قريش؟ فقام رجلٌ منهم فلطم عثمان فاخضرت عينه فلامه الوليدُ على رد جواره فقال: قد كنتَ في ذمةٍ منيعة فقال عثمان: إن عيني الأخرى إلى ما أصاب أختها في الله لفقيرة. فقال الوليد: فعد إلى جوارك، فقال: بل أرضى بجوار الله تعالى.
إخوة الإيمان- قال بعضُ كتاب السيرة معلقًا على هذا الحديث:
إن دعوة هذا بعضُ رصيدها من المفاهيمِ لن تُقهرَ ولن تُغلب وإن دينًا هذه بعضُ سمات رجاله لحريٌّ بالظهور والتمكين (١).
إنه الثباتُ على دين الله رغم المحن واللؤى، وإنه الشعور بعزةِ الإسلام رغم المسكنةِ والضعف؟ !
وكم هو عجيبٌ هذا الجيل في صدقهِ مع الله وثباتِه على الدين الحق ويطول عجبُك حيث تعلمُ صورًا من ثبات المهاجرين للحبشة تجاوزت الرجالَ إلى النساء، وأمُّ حبيبة رضي الله عنها ثبتت على إسلامها وهي في أرض الغربة رغم ردةِ زوجها عبيد الله بن جحش ودخوله في النصرانية، وهي بذلك تضرب نموذجًا رائعًا للمرأةِ المسلمة، وتستحق على ذلك عظيمَ المكافأة، فقد عقد عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهي بعدُ في أرض الحبشة، وكانت واحدةً من أمهات المؤمنين، فور انقضاء عدتها.
وإذا رأيتَ ثم رأيت دلائل الصدق وعظيم الصبر من المهاجرين في أكثر من موقفٍ وحادثة زال عجبُك من تهاوي أركان الجاهلية على أيدي هؤلاء، ولم تستغرب تغيُّرَ قناعةِ قريش بهذا الدين وإعجابهم بالمسلمين حتى إذا أتيحت الفرصةُ المناسبةُ أعلن عددٌ من قادةِ قريشِ إسلامهم وانضموا إلى صفوف