الحاسدون وباعوه رقيقًا، ثم مكَّنه الله نتيجةَ صدقه وعدله وصلابته في دينه وتروي قصته العجيبة أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتقول:
إن أبا أصحمة النجاشي كان ملكَ قومِه، ولم يكن له من الولد إلا النجاشي (أصحمة) وكان له عمٌّ له من صلبه اثنا عشر رجلًا، وكانوا أهل بيتِ مملكةِ الحبشة، فقالت الحبشةُ بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه، فإنه لا ولدَ له غير هذا الغلام وإن لأخيه اثني عشر ولدًا فتوارثوا ملكه من بعده، فبقيتُ الحبشةُ بعده دهرًا، فعدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه، فمكثوا على ذلك، ونشأ (النجاشي، أصحمة) مع عمه، وكان لبيبًا حازمًا من الرجال، فغلب على أمرِ عمه ونزل منه بكل منزلة، فلما رأتِ الحبشة مكانَه مِنه قالت بينها: والله إنا لنتخوفُ أن يُملكه، ولئن ملكه علينا لَيَقتلَنا أجمعين لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه، فمشوا إلى عمِّه فقالوا له: أما أن تقتل هذا الفتى، وأما أن تُخرجه من بين أظهرنا، فإنا قد خِفنا على أنفسنا منه، قال: ويلكم: قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم؟ بل أخرجوه من بلادكم، فخرجوا به فباعوه من رجل تاجر بستِ مائةِ درهم، ثم قذفه في سفينة، فانطلق به حتى إذا جاء المساءُ من ذلك اليوم هاجت سحابةٌ من سحاب الخريف، فخرج عمُّه يستمطرُ تحتها، فأصابته صاعقةٌ فقتلته، ففزعت الحبشة إلى ولده، فإذا هم حمقى ليس في ولده خير، فمرجَ على الحبشة أمرُهم، فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضُهم لبعض: تعلمون والله إن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيرُه الذي بعتموه غدوةً، فإن كان لكم بأمرِ الحبشةِ حاجةٌ فأدركوه، قال: فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فأخذوه من التاجر، ثم جاءوا به، وأقعدوه على سرير الملك وملكوه، فجاءهم التاجرُ فقال إما أن تعطوني مالي، وإما أن أكلمه في ذلك، فقالوا: لا نعطيك شيئًا، قال إذًا واللهِ لأُكلمنَّه، قالوا: فدونك، فجاءه فجلس بين يديه فقال أيها الملك ابتعت غلامًا