للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه التذكيرُ بالوحدانية لله وإدامةُ ذكره وحده، وتذكير كذلك بنعمة الله على من نزل عليهم القرآن حيث كانوا من قبل يتمرغون في أوحالِ الشرك والوثنية والضلالة «وإن كنتم من قبله لمن الضالين» وسواء أكان المقصودُ بذكر الله عند المشعر الحرام الصلاتين جميعًا أم ما هو أعمُّ من ذلك (١).

فإن ذكر الله سمةٌ بارزة في الحج وهي مظهرٌ من مظاهر التوحيد ويستمر الحجاجُ يلهجون بذكر الله حتى يتموا حجهم كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} (٢).

وهنا لفتة وخروجٌ عن تقاليد أهل الجاهلية في الذكر وهي تسيرُ في إطار التوحيد وتحقيق العبودية، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم كان أبي يطعم ويحمل الحمالات، ويحمل الديات، ليس لهم ذكرٌ غير أفعال آبائهم، فأنزل اللهُ على محمد صلى الله عليه وسلم {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} فحثوا على ذكر الله والتعلق به أشد من ذكرهم وتعلقهم بآبائهم .. » (٣).

إنها نقلة في المفاهيم .. وتبعة من تبعات هذا الدين الحق، عقلها المسلمون أول ما نزلت وينبغي أن يعقلها المسلمون وهم يتلون كتاب الله، ويؤدون شعائر الحج، فيديموا ذكر الله ويتعلقون به أكثر من تعلقهم بغيره، ولو كان المتعلق به أقرب الناس نسبًا.

عبادَ الله يلخص الرسول صلى الله عليه وسلم أعمالَ الحج والهدف منها بإقامة ذكر الله ويقول


(١) انظر تفسير ابن كثير عن الآية: ١/ ٣٧٨.
(٢) سورة البقرة، آية: ٢٠٠.
(٣) تفسير ابن كثير ١/ ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>