وأول سورة بعد الفاتحة تسمى سورة البقرة، وهي بقرة بني إسرائيل، وتسمى السورة الثالثة بآل عمران، وآل عمران أسرة من أسر بني إسرائيل- وإن كانت تختلف عن بني إسرائيل في طاعتها وصدقها وعبادتها، ولذلك اصطفاها الله من بين من اصطفى {إن الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين}(١).
والسورة الرابعة تسمى سورة المائدة، وهي المائدة التي طلبها بنو إسرائيل، بل وخصصت سورة باسمهم هي سورة الإسراء التي تسمى سورة «بني إسرائيل» أيضا.
وليس هناك من نبي ورد التفصيل عنه أكثر من موسى عليه السلام مع اليهود، فما السر وراء هذا التركيز والاهتمام؟ ألكثرتهم؟ فقد كان اليهود ولا يزالوا أقلية في العالم لا يؤبه لعددهم.
أم لأن لهم كيانًا معتبرًا ودولة كبيرةً حين نزل القرآن؟ فالحق أنهم ليسوا كذلك كما كان الفرس والروم وسائر الدول الوثنية الأخرى.
إذن فما وراء هذا الاهتمام؟ قد يكون لكثرة تعنتهم وشدة صبر أنبيائهم عليهم، فيُنهى المسلمون عن محاكاتهم ويسلي النبي ويصبر على ما يلقى من أذى وعناد قومه .. قد يكون ذلك من أسرار هذا التكرار، وقد يكون السر في ذلك أن كتابهم المنزل (التوراة) فيه من العقائد والأحكام ما ينشئ أمةً ويكون سلطة ودولة، وكانت مواقفهم من هذه التشريعات والأحكام مجالاً لبيان الحق والصواب فيها.
وقد يكون وراء ذلك جوارهم لمهبط الوحي، وشدة احتكاكهم بالعرب والمسلمين.