للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ذلك وغيره وارد أن يكون وراء الاهتمام بهم بهذا القدر، وهناك من خلص إلى سبب آخر فوق ما ذكر واعتبره الأهم، ألا وهو: أن الصراع بين اليهود والمسلمين سيبقى إلى يوم القيامة، وكلما خمدت جذوة الصراع في منطقة أو في عصر من العصور ستتجدد في مكان آخر وفي أزمنة متلاحقة وفي صور شتى فلا غرابة إذن أن يكثر الحديث عنهم، وأن يكشف القرآن أحوالهم (١).

والمتأمل في آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يجد ما يعضد ذلك، فالله تعالى أخبر في كتابه أن إشعالهم للحروب دائمة، وكذلك إفسادهم، ولكن الله تعالى تولى إخماد حربهم، وكره إفسادهم {كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين} (٢).

كما تكفل الله تعالى ببعثها جند من جنده لتقليم أظافر اليهود كلما تطاولت إلى يوم القيامة {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} (٣).

وأخبر الله بني إسرائيل في الكتاب الذي أنزل عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين، وسيسلط عليهم من يجوس ديارهم، ويستبيح بيضتهم {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوًا كبيرًا، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولاً} (٤) وسواء كان المسلط عليهم في الأولى جالوت أو بختنصر أو غيرهما، وفي الأخرى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو غيرهم. فقد حكم الله عليهم


(١) د مصطفى مسلم. معالم قرآنية في الصراع مع اليهود ص ٥.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦٤.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٦٧.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٤، ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>