للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقوع في الذنب، فالله كريم يبسط يده بالنهار ليتوب مسيءُ الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ومن تمام عقل الإنسان وتوفيق الله له أن يزداد في الحسنات كلما أحسَّ من نفسه ضعفًا وارتكابًا للخطيئات، والله تعالى يقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (١)، بل ربما تحولت السيئة إلى حسنة بفضل الندم على فعلها وكثرة الاستغفار منها، ومحاولة التعويض عنها، وعكس ذلك الحسنة التي يعجب بها صاحبها ويمن بها على الله وربما كانت سببًا لغروره وقعوده عن عمل الصالحات، ودونكم هذه المقولة لأحد السلف يقول سعيد بن جبير يرحمه الله: «إن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار، وإن العبد ليعمل السيئة فيدخل بها الجنة، وذلك أنه يعمل الحسنة فتكون نصب عينيه ويُعجب بها، ويعمل السيئة فتكون نصب عينيه فيستغفر الله ويتوب إليه منها .. » اهـ (٢).

ألا فلا تقعدَّن بكم الخطايا- معاشر المسلمين- عن عملِ الصالحات ولا يصدنكم الشيطان معاشر المخطئين عن المساهمة مع المسلمين في الدفاع عن حياض الدين ومجاهدة المشركين والمنافقين، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وربما ارتفع سهمُ الغيرة لدين الله ومحارمه عند شخص يرى أنه مسرف على نفسه بالمعاصي، فكانت تلك الغيرةُ سببًا لانعتاقه من أسر الخطيئة أولًا، وطريقًا إلى سلوكه صراط الله المستقيم وثباته على شرعه القويم، ومجاهدتهم في سبيل الله بما يستطيع ثانيًا، وفضل الله يؤتيه من يشاء، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (٣).


(١) سورة هود، آية: ١١٤.
(٢) الفتاوي ١٠/ ٤٥.
(٣) سورة العنكبوت، آية: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>