للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عددُ جيش المسلمين فيها مقاربًا لجيش الفرس، فقد نُقل أن جيش المسلمين كانوا ما بين السبعة آلاف إلى الثمانية آلاف، وأن جيش الفرس كانوا أربعين أو ستين ألفًا، وقيل كانوا ثمانين ألفًا، وقيل كانوا في مائة ألف وعشرين ألفًا» (١). وأيًا ما كان العدد والفرق كبير بين الجيشين عددًا وعدة، ومع ذلك كتب الله النصر للمسلمين، وكانت بداية الأفول لإمبراطورية الفرس الكبرى.

وذلك يدعونا إلى الحديث عن الغثائية في مجتمع المسلمين في الأزمنة المتأخرة زمان التردي والضعف والانحسار حين يكثر عددهم ويقلُّ صدقهم، وتتفرق كلمتهم وتذهب ريحهم، فيسومهم العدو سوء العذاب، ويستولي على بلادهم، ويهيمنُ على مقدراتهم أين نحن من أهل القادسية، أين رجالاتنا من رجالاتهم، وأين نساؤنا وصبياننا من نسائهم وصبيانهم، وتلك هي الوقفة الأخيرة التي تتعلق بالمرأة وحشمتها وعفافها، مع مساهمتها في الجهاد ونكاية الأعداء، ودونكم هذه الرواية فتأملوها وحريٌّ بنسائنا وبناتنا وأخواتنا أن يفقهنها ويسرن علي منوالها.

عن أمِّ كثير امرأة همام بن الحارث النخعي قالت: «شهدنا القادسية مع سعدٍ مع أزواجنا، فلما أتانا أن قد فُرغ من الناس شددنا علينا ثيابنا، وأخذنا الهراوي ثم أتينا القتلى، فمن كان من المسلمين سقيناه ورفعناه، ومن كان من المشركين أجهزنا عليه، ومعنا الصبيانُ فنوليهم ذلك -تعنى استلابهم- لئلا يكشفن عن عورات الرجال» (٢).

وهكذا تُشكل المرأة المسلمة لبنة مهمة في كيان المجتمع المسلم، ويشارك


(١) سير أعلام النبلاء ١/ ٣٦٥، البداية والنهاية ٧/ ٤٢، ٤٨.
(٢) البداية والنهاية ٧/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>