للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {والعاقبة للمتقين} (١).

ومثل ذلك كثيرٌ في كتاب الله.

وبعضُ الناس حين يقرأ هذه الآيات وأمثالها، وينظرُ في واقع المسلمين اليوم وما هم فيه من ذلَّةٍ وضعفٍ وتشرذمٍ وما يتمتع به عدوُّهم من قوةٍ وغلبةٍ وتمكينٍ، يظنُ أن هذه الوعود للمؤمنين في الآخرة دون الدنيا، ويظن كذلك أن النعيم في الدنيا لا يكونُ إلا للكفار والفجار، وأن حظ المؤمنين من ذلك في الدنيا قليلٌ، قد يعتقدُ أن العزة والنصرة في الدنيا تستقر للكفار والمنافقين على المؤمنين (٢).

وهذه ظنون كاذبة، وفيها تزكيةٌ للنفوس غيرُ عادلة وغفلةٌ عن شروط النصر والتمكين لهذه الأمة.

وأين الذين يفهمون أن هذه الوعود للمؤمنين خاصةٌ بالآخرة دون الدنيا- أين هم من قوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} (٣).

فالوعدُ للحاضر والمستقبل- فضلًا عن الماضي- والنصرة في الحياة الدنيا وفي الآخرة ظاهرٌ لا يحتمل التأويل.

فكيف يُجمع بين الوعدِ والواقع؟ وهل من تعارض بين واقع الأمة وما وُعدت به؟ وما الحكمُ من رواء الإدالة على أهل الإسلام في فتراتٍ من حياتهم؟

أيها المسلمون! ولا تعارض بين واقع الأمة المسلمة وما وعدت به، فوعدُ الله


(١) سورة الأعراف، آية: ١٢٨.
(٢) إغاثة اللهفان ٢/ ٢٥٥.
(٣) سورة غافر، آية: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>