للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله خَلْقَ الإنسانِ فيه بقوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} (١).

وهو منسجمٌ مع طبيعة هذه الحياة المتاع والموصوفة باللهو واللعب والتكاثرِ والمفاخرة، والمرادُ الامتحانُ، وبروزُ المجاهدة، ولتظهر فروقُ الصبر والمصابرة والمرابطةِ والتقوى لله من خلقه وإن كان غنيًّا بذاته عنهم، غير مفتقر إلى أعمالهم الصالحة .. ولا ينقصُ من ملكه شيء لو كانوا كلُّهم على أفجر قلب رجلٍ منهم.

عبادَ الله! مع ما يمر به الإنسانُ من أطوار وأحوال فمن رحمةِ الله بخلقه أن الشدةَ- وإن وقعت- لا تدوم فالعسرُ يعقبه اليسر- ولن يغلبَ عسرٌ يسرين كما قال تعالى {فإن مع العسر يسرًا * إن مع العسر يسرًا} (٢).

وعُقدَةُ الذنبِ لا تلازم المسلم وتعوقه عن المسيرة في الخير، ومهما ظلم الإنسان نفسَه، ثم التفت إلى الله مستغفرًا تائبًا غفر الله له {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} (٣).

ومهما أسرف المرءُ على نفسهِ بالمعاصي فلا مجال في شريعة الإسلام للإحباط والقنوط .. بل يُفتح بابُ الأمل والرجاء على مصراعيه ويُدعى العباد إلى الإنابة لخالقهم والإسلامِ له. {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} الآيات (٤).

عبادَ الله إذا ضاقت أرضٌ بشخصٍ أو أشخاص لضيق عيشهم الدنيوي فيها .. أو


(١) سورة البلد، آية: ٤.
(٢) سورة الشرح، الآيتان: ٦، ٥.
(٣) سورة النساء، آية: ١١٠.
(٤) سورة الزمر، الآيتان: ٥٣، ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>