للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضولِ المباحات، فإن دعت الحاجةُ إلى خلطتهم في الشر ولم يمكنهُ اعتزالُهم فالحذرَ الحذرَ أن يوافقَهم، وليصبر على أذاهم، فإنهم لابد أن يؤذوه إن لم له قوةٌ ولا ناصر، ولكنه أذىً يعقبه عزٌّ ومحبةٌ له وتعظيم وثناءٌ عليه منهم ومن المؤمنين ومن ربّ العالمين، وموافقتُهم يعقبه ذُلٌّ وبغضٌ له ومقتٌ وذمٌ منهم ومن المؤمنين ومن ربِّ العالمين.

أما المُفسدُ الثاني هو التعلق بغيرِ الله تبارك وتعالى، وهذا أعظمُ مفسداتِ القلب على الإطلاق، فإن من تعلق بغير اللهِ وكله اللهُ إلى ما تعلق بهِ، وخذله من جهةِ ما تعلقَ به، وفاته تحصيلُ مقصوده من اللهِ عز وجل، فلا على نصيبه من الله حصل ولا إلى ما أمَّله ممن تعلق به وصل، قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا* كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًا} (١).

قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون * لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} (٢).

ومثلُ المتعلقِ بغير اللهِ كمثلِ المستظلِّ من الحرَّ والبرد ببيت العنكبوت، {وإن أوهن البيوت العنكبوت لو كانوا يعلمون}، وكيف لا يكون ذلك كذلك وأساسُ الشركِ وقاعدتهُ التي بُنيَ عليها التعلقُ بغيرِ الله، ولصاحبه الذمُّ والخذلان، كما قال تعالى: {لا تجعل مع الله إلهًا آخر فتقعد مذمومًا مخذولّا} (٣).

أيها المؤمنون! من مفسدات القلب كثرةُ الطعامِ، والمفسدُ له من ذلك نوعان: أحدُهما ما يُفسده لعينهِ وذاته كالمحرمات كالميتةِ والدم ولحم الخنزير، والمسروق


(١) سورة مريم، الآيتان: ٨٢، ٨١.
(٢) سورة يس، الآيتان: ٧٥، ٧٤.
(٣) سورة الإسراء، آية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>