للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المفسدُ الخامسُ للقلب فهو التمني، وسبقت الإشارة إليه (١).

عبادَ الله يا من روضتم أنفسكم خلال شهرِ الصوم على كثيرٍ من خلالِ الخير إياكم أن تعفوا أثرَها بعد، ويا من خرجتم من شهرِ رمضان وصحائفكم بيضاء إياكم أن تسودوها فيما تستقبلون من أيام، أجل لقد هذّب الصيامُ نفوسَكم وساهم قيامُ الليل في إصلاحِ قلوبكم، فلا تفسدوها بالبطر والأشرِ ولا تدنسوها بالفسادِ وسيءِ الأخلاقِ ..

توسطوا في مطعمكم ومشربكم ومنامكم واعتصموا تعكم، وأديموا الصلةَ بكتابِ ربِّكم، ولا يقعدن بكم الشيطانُ عن الصلواتِ المكتوبة ويمسك بأيديكم عن النفقاتِ الواجبةِ أو المستحبةِ، استحضروا التوبةَ في كلِّ أوان وزمانٍ في حياتكم واعملوا بها بمفهومها الواسع (تركًا للمحظور، وفعلًا للمأمور) وأكثروا من الاستغفار فمن أكثر منه جعل الله له من كلِّ همٍّ مخرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب كذلك ورد الخبرُ عن نبيّكم صلى الله عليه وسلم (٢).

وأتبعوا السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مثلُ الذي عمل السيئاتِ ثم يعملُ الحسناتِ كمثلِ رجلٍ عليه درعٌ ضيقةٌ قد خنقته، فكلما عمل سنةً انتقضت حلقةٌ ثم أخرى حتى يخرج إلى الأرض)) (٣).

اللهم إنا نسألُك بأنا نشهدُ أنك أنت اللهُ الذي لا إله إلا أنت، الأحدُ الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تتقبل صيامنا وقيامنا وتصلح فسادَ


(١) مدارج السالكين ١/ ٤٨٨ - ٤٩٤ باختصار.
(٢) التوبة وسعة رحمة الله ص ١٢٤.
(٣) رواه أحمد والطبراني، وقال الهيثمي: وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح (السابق ص ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>