إخوةَ الإيمان! وإن في المسلمِ الحقِّ من المروءةِ والنبلِ والتجمُّلِ والاحتمالِ وسعة الصدرِ، وسموِّ الخلقِ ما يجعله يرتفع في تعامله مع زوجته التي يكرهها بعيدًا عن نزواتِ البهيمةِ وطمع التاجر، وتفاهةِ الفارغ.
وإذا كانت المودّةُ أحدَ دعائمِ الزوجيةِ وسببًا كبيرًا لبقائها، فإن الرحمةَ هي الأخرى دعامةٌ مهمةٌ لبقاءِ الزوجين وارتباطهما، حتى وإن عُدم الحُبُّ أو قلت المودّةُ، هكذا يوجه القرآن ويدعو للتفكر {وجعل بينكم مودة ورحمة}.
قال المفسرون: إن الرجلَ يُمسكُ المرأةَ إما لمحبته لها أو لرحمةٍ بها بأن يكون لها منه ولدٌ، أو محتاجةٌ إليه في الإنفاق أو للألفةِ بينهما وغير ذلك {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
أيها المؤمنون! إذا كانت العشرة بالمعروف بين الزوجين من دعائم بناء الأسرة، فإن الإيمان بالله قمة المعروف وعمل الصالحات سبيل الوفاق بين الزوجين، فالإيمانُ وعملُ الصالحاتِ يشيعان في البيوتِ السكينة، وبهما تتحقق السعادة ويتطلعُ الزوجانِ بهما إلى منازل الآخرة، وتتوجه الهممُ عندها إلى رضوان الله والجنة، وهاكم نموذجًا لهذين الزوجين يترحم عليهما صلى الله عليه وسلم قال:((رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)) (١).
وينبغي أن تستمر جذوةُ الإيمان، ولباسُ التقوي بين الزوجين حتى وإن وقع
(١) حديث صحيح رواه أحمد في مسنده ٢/ ٢٥٠، ٤٣٦، وأبو داود (١٣٠٨)، والنسائي، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة (١١٤٨) والحاكم ووافقه الذهبي (١/ ٣٠٩).