الجهاد، إلا أن يخرج رجلٌ بنفسه وماله في سبيل الله ثم تكون مهجةَ نفسه فيه)) (١).
يا أخا الإسلام! قف، وسائل نفسك: ماذا قدمت لآخرتك في هذه الأيام الفاضلة، وبماذا خَصَصتها؟ وهل أيام الدهر عندك سواء؟ هل صمت أو تنوي الصيام فيها؟ هل تصدقت؟ هل وصلت؟ هل أكثرت من ذكر الله؟ وتلاوة كتابه؟ هل ابتهلت إلى الله بالدعاء؟ وإني سائلك ونفسي، فاستحضر السؤال، وفكِّر في الجواب.
أما السؤال فمهم وهو يقول: كيف يجتمع التصديق الجازمُ الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار، ويتخلف العمل، وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلوبٌ غدًا بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشدَّ عقوبة، أو يكرمَه أتمّ كرامة، ويبيت ساهيًا غافلًا .. ؟
قال ابن القيم رحمه الله: هذه لعمرُ اللهِ سؤال صحيح واردٌ على أكثر هذا الخلق، فاجتماع هذين الأمرين (يعني التصديق بالمعاد، وعدم الاستعداد له) من أعجب الأشياء، ثم حدد يرحمه الله أسباب ذلك بعدةِ أمورٍ، فافهموها، وحاولوا الخلاصَ منها، قال:
أحدُها: ضعف العلم ونقصان اليقين، فإذا اجتمع إلى ضعف العلم عدم استحضاره، وغيبته عن القلب في كثير من أوقاته وأكثرها لاشتغاله بما يُضاده، وانضم إلى ذلك تقاضي الطبع وغلبات الهوى، واستيلاء الشهوة، وتسويل النفس، وغرور الشيطان، واستبطاءُ الوعد، وطول الأمل، ورقدة الغفلة، وحب العاجلة، ورُخص التأويل، وإلف العوائد، فهناك لا يمسك الإيمان، إلا الذي يمسك