الحرام .. ولكن قصده مدافعة الشر والدعوة للخير .. فذلك مأجور على مجاهدته ودعوته.
ودونك هذا الحوار فتأمله، يقول أبو بكر بن العربي: قد كنت قلتُ لشيخنا الإمام الزاهد أبي بكر الفهري: ارحل عن أرض مصرَ إلى بلادك، فيقول: لا أحبُّ أن أدخل بلادًا غلب عليها كثرةُ الجهل، وقلةُ العقل، فأقول له: فارتحلْ إلى مكة أقم في جوار الله وجوار رسوله، فقد علمتَ أن الخروج عن هذه الأرض فرضٌ لما فيها من البدعة والحرام، فيقولُ: وعلى يدي فيها هدى كثير، وإرشاد للخلق، وتوحيد، وصدّ عن العقائد السيئة، ودعا إلى الله عز وجل. وتعالى الكلامُ بيني وبينه ..
قال أبو بكر مبينًا أهمية النية في السفر إثر تعداده أنواع السفر:
وبعد هذا فالنية تقلب الواجب من هذا حرامًا، والحرام حلالًا بحسب حسن القصد، وإخلاص السرِّ عن الشوائب (١).
إخوة الإسلام! من عجب أنكم لا ترون عند هؤلاء الأئمة ذكرًا للسفر من أجل المتعة المحرمة، أو النزهة المتحللة .. أفكان في المسلمين شغل عنها في زمنهم؟ أم أن أحوال المسلمين لم تنحدر إلى ما نراه اليوم في الواقع المنظور .. وأغراض السفر عند نفرٍ من أبناء المسلمين كما تعلمون إلى حدٍّ باتت الإعلانات تشهر لسفر مجموعة من النساء لأغراض تجارية .. وفي ثنايا الخبر لا يُستحى من ذكر الاحتفالات لهن واللقاءات المختلطة معهن في أكثر بلاد الدنيا تحررًا من الفضيلة وتمرغًا في أوحال الرذيلة .. بل وفي أشهر المدن بكثرة الجرائم والسطو على
(١) انظر: أحكام القرآن ١/ ٤٨٤ - ٤٨٧، تفسير القرطبي ٥/ ٣٤٩ - ٣٥١.