للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استثمر هذا العقل فيما يصلح دينه ودنياه، وإن المرء ينحدر عن مقام الأنعام حين لا يستثمر هذا العقل فيما خلق الله، قال الله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} (١).

وإذا كانت الغفلة عن الهدف الذي من أجله خلق الإنسان واحدة من أنماط عدم استثمار العقل- وليس هذا موطن الحديث عنها- فثمة نمطٌ آخر أكثر سوءًا يُزهق به العقلُ، وتقتل به الإرادة الحية .. وينتحر المرءُ وإن كان بعدُ حيًّا، وذلكم بتعاطي المسكرات والمخدرات.

لقد قيل: إن المخدرات ما هي إلا لُغمٌ يفجر حضارات الشعوب ويهدد قيمها بالزوال، وأخلاقها بالدمار. وقيل: إن إدمان المخدرات والمسكرات ما هو إلا وحشٌ كاسر، أنشب مخالب الموتِ في عنقِ مجتمعاتنا الإسلامية (٢).

وقالوا: إن خطر المخدرات على الأمم والشعوب، وتأثيرها المدمِّر عليها أشد من الحروب التي تأكل الأخضر واليابس، وتدمر الحضارات، وتقضي على القدرات، ولذا جندت حكومات العالم كل إمكاناتها لمحاربتها والحدِّ من انتشارها (٣).

أيها المسلمون! إن انتشار المسكرات والمخدرات سمةٌ من سمات الجاهلية قديمًا وحديثًا، ففي الجاهلية الأولى تغنى الشعراء بالخمرة، وصُدرت أعظم معلقات العرب في جاهليتهم بذكرها، وقال شاعرهم (عمرو بن كلثوم):


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٧٩.
(٢) عبيد العصيمي: المخدرات دمار للمجتمعات ص هـ، ٦.
(٣) أحمد الغامدي، أثر المخدرات ص ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>