ألا هُبي بصحنك فأصبحينا ... ولا تبقي خمورَ الأندرينا
وكان ذلك من مفاخرهم، ومما أضاع عقولهم وأوقاتهم حتى شعَّ نور الإسلام في أرضهم، وجاء محمد صلى الله عليه وسلم محررًا لعقولهم، ومستدركًا لما بقي من طاقتهم، ومعلنًا لهم ولغيرهم «ألا إن كلَّ شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع»(١).
جاء محمدٌ صلى الله عليه وسلم ليهدي الناس إلى فطرة الله التي فطرهم عليها .. وجاء ليُنهي عهد الغواية ويحفظ الطاقة، ثبتا في الصحيحين -في حادثة الإسراء- أنه صلى الله عليه وسلم قال:«وأُتيت بإنائين في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر قيل لي: خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربت فقيل لي: هُديت الفطرة، أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتُك».
وإذا كانت تلك إطلالة على الجاهلية الأولى وكيف استنقذت منها، فالجاهلية الحديثة أعتى وأشد وهي جاهلية مقننة .. وذات خطط وأهداف بعيدة المدى .. وقد اتخذت من المخدرات والمسكرات وسيلةً للسيطرة والعدوان، واستلاب العقول والأموال فضلًا عن مصادرة الدين وما يتبعه من خُلق أو حياء، لقد قام المستعمرُ البريطاني بإدخال القاتِ وشجع زراعته باليمن، وكانوا ينقلونه فترة من الزمن يوميًّا من أثيوبيا والصومال إلى أرض اليمن السعيد كما قامت بريطانيا بالعمل على إيجاده بين مواطني الهند والصين.
وقامت دول أخرى بإدخال المخدرات إلى بعض الدول لتحطيمها اجتماعيًّا واقتصاديًّا حتى تتم السيطرة عليها. وإذا كان هذا قبل عقودٍ من الزمن .. فلا يزال