للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيوت الوهمية لبعض الناس وعن العزلة عن الأهل والعشيرة -إنه حديث عن الجلسات المطوّلة في الأحواش وتحذير عن طول المكوث والسهر بلا فائدة في الاستراحات.

إنها ظاهرة تستحق الوقفة والعلاج حين يُسرف فيها المسرفون، وتكون سلوكًا مستديمًا يحجب الزوج عن أهله وأولاده، أو يغيب فيها الابن طويلًا عن بيته وأبويه وإخوانه، أو تشلُّ الموظف عن إتمام عمله، أو تعيق المعلم عن الوفاء بمتطلبات وظيفته، أو تقطع المتسبب عن البحث عن مواطن رزقه أو تكون على الأقل مادةً للاجتماع على أمورٍ محرمة، إن الحديث موجه لأولئك الذين يقضون معظم أوقاتهم في هذه الاستراحات وبشكل مستديم دونما فائدة، ولا يعني الحديث أولئك الذين ربما خرجوا للاستجمام والنزهة أحيانًا، أو مصطحبين معهم أهليهم وأولادهم لمامًا وفي مناسبات معينة.

أيها المسلمون! كم ضاعت أسرٌ حين غاب عنها القيِّمون وما ظنكم ببيت يغيب عنه الولي شطرًا من النهار، وزلفًا من الليل وإلى ساعاتٍ متأخرة في الليل .. أين القوامة وأين الشعور بالمسؤولية .. وهل يظن أولئك المفرطون أن البيوت مشتملة على قطعانٍ من المواشي والأنعام، ليس لها إلا أن يُوفر لها الماء والمرعى؟ كلا فالمسؤولية عظيمة ودور الرجل في البيت لا يُعوض، وكيف يطيب طول المكوث والأُنس بعيدًا عن الأهل والوالد والولد، ولو قُدر عليهم حادثٌ لضاقت بهم المهاجر .. وهل ترضى أيها العاقلُ الحرُّ الكريم أن يقضي الناس حوائج أهلك وأنت في سهر ولهو ولعب؟ وأسوأ من هذا لو وقع انحراف في بيتك لا قدر الله -نظرًا لطول غيبتك وضعفِ رقابتك- فهل ترى غيرك مسؤولًا أمام الله عنها؟

إننا كثيرًا ما نتحدث عن فساد الزمان وضياع الشباب، وانحراف الفتيات،

<<  <  ج: ص:  >  >>