للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفوسنا، ومالت إليه أهواؤنا، ولبيان ذلك كلِّه استمعوا وعوا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا، - وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبوابٌ مُفَتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تعوجّوا، وداعٍ يدعو من جوف الصراط، فإذا أراد أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عز وجل، والداعي من فوقه واعظ الله في قلب كلِّ مسلم)).

هكذا أخرج الحديث أحمد في مسنده، وبنحوه أخرجه الترمذي وحسنه وخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم لا أعلم له علةً، ووافقه الذهبي في تلخيصه (١) وأخرج الحديث غير هؤلاء، وحسن إسناده ابن كثير (٢).

عباد الله! يدعونا هذا الحديث للتأمل في صراط الله، وكيف يُسلك وحدود الله ومحارمه كيف تُعرف وتُجتنب، وكتاب الله وكيف يهدي ويتَّبع، وواعظ الله في القلوب كيف يُنمى ويُستشعر.

أما الصراط المستقيم فقد فسِّر بالإسلام وفسِّر بالقرآن، وفسِّر بالحقِّ، وفسر بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من بعده، قال ابن كثير يرحمه الله: وكلُّ هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة، فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم وافتدى باللذين من بعده أبي بكر


(١) المستدرك ١/ ٧٣.
(٢) انظر: شرح حديث مثل الإسلام لابن رجب ص ١٤ وجامع الأصول ١/ ٢٧٤، ٢٧٥ وتفسير ابن كثير ١/ ٤٣ ط الشعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>