للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليها ستور مرخاة، فيها مزدجر لمن أحيا الله قلبه فلا يَلجها، وفيها متسع للولوج لمن طغى وآثر الحياة الدنيا.

وهكذا يُمتحن الناس بولوج هذه الأبواب ذات الستور المرخاة، أو الامتناع عن دخولها طمعًا في ثواب الله ورجاء موعوده، وكذلك تكون الشهوات المحرمة فإن النفوس متطلعة إليها وقادرة عليها، وإنما يمنع منها مانع الإيمان خاصة، قال العارفون: والمحرمات أمانة من الله عند عبده، والسمع أمانة، والبصر واللسان أمانة، والفرج أمانة وهو أعظمها، وكذلك الواجبات أمانات، كالطهارة والصلاة، والصيام وأداء الحقوق إلى أهلها (١).

ومع ثقل هذه الأمانات وصعوبتها على النفس أحيانًا، إلا أن الله جعل الجزاء عليها عظيمًا والمغنم كبيرا {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} (٢).

يا أخا الإسلام! في ظل هذه المعركة والجهاد مع النفس والهوى فقد أمدك الله بداعيين هما لك عون على الاستقامة على الصراط المستقيم، هما: القرآن وواعظ الله في قلب كلِّ مسلم- كما جاء بيان ذلك في الحديث السابق-.

وكم في كتاب الله من موعظة وذكرى وترغيب وترهيب، وزواجر ونواهٍ، وأمثال مضروبة وقصص فيها عبرة ومثانٍ، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربَّهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ولو نزِّل على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، قال بعض السلف: من لم يردعه القرآن والموتُ لو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع.


(١) المرجع السابق، ٣٦، ٣٧.
(٢) سورة النازعات، الآيتان: ٤٥، ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>