للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ: فُتحت المدينة بالقرآن، والمعنى: أن أهلها إنما دخلوا في الإسلام بسماع القرآن (١).

ألا فاتعظوا بالقرآن، واستمعوا لندائه حين يناديكم: {ياأيها الذين آمنوا} فإما خير تؤمرون به، أو شرّ تنهون عنه، تذكروا واعظ القرآن في مثل قوله تعالى: {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا * وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا * ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} (٢).

أيها المسلمون! عظموا واعظ الله في نفوسكم راقبوه في حال خلوتكم أو اجتماعكم، واجعلوا من أنفسكم عليكم رقيبًا، فالإسلام نقى فلا تدنسوه بآثامكم، والكرام الكاتبون شهود فلا تشهدوهم على سوآتكم والألسن والأيدي والأرجل ستنطق بما كسبتم فلا تفضحوا أنفسكم بأنفسكم ولا تظنوا أن الله غافل عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.

يا أخا الإسلام! يضعك هذا الحديث وأمثاله أمام رقابة ذاتية لله، وإن فتحت لك أبواب الشهوات والمحرمات -لكن المسلم- يتصور داعي الله يهتف به، ويستشعر واعظ الله في نفسه يردعه كلما ضعفت نفسه، فلا يهتك أبواب الحرام وإن لم يكن بينه وبينها إلا ستور مرخاة.

يا أخا الإسلام! بإمكانك أن تعلم منزلة القرآن في قلبك إن كنت ممن استجاب لدعوته في سلوك الصراط المستقيم، وإن كانت الأخرى فعالج نفسك واستقم على


(١) مثل الإسلام ٤٣.
(٢) سورة الكهف، الآيات: ٤٧ - ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>