للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرى أي ظاهرة تلك التي بلغت مبلغها من الحرج في حياتنا، ولربما تراكمت الديون- بسببها- في ذممنا؟

إنه الإسراف، والإسراف في أكثر من مظهر: في المطعم والمشرب، والملبس والمسكن، في الكلام أو الصمت، وفي المدح أو الذم، في السهر والنوم، وفي المناسبات والأفراح، الإسراف في إهدار الطاقات وليس الماء إلا نموذج لها، وإضاعة الأوقات، وهي من أغلى ما نملكه في هذه الحياة، والإسراف في نقد الآخرين، أو تزكية الذات، إسراف حسي، وإسراف معنوي، وظاهر وخفي .. إلى غير ذلكم من مظاهر الإسراف الأخرى.

وما من شك أن الإسراف في العنف يولد أضرارً وآثارًا سيئة أول من يتضرر منها المسرفون أنفسهم.

وفي أرض فلسطين المحتلة خلصها الله من ظلم المحتلين تشهد الساحة إراقة الدماء على أيدي اليهود ونتيجة إسرافهم في ظلم الآخرين.

والمصيبة أن مثل هذه الظواهر، أو بعضها يقع فيها المتعلم والأمي، ولا يكاد ينجو منها العالم، وغيره من باب أولى، وتتحدث عنها وسائل الإعلام محذرة ولربما ساهمت مساهمة فاعلة في انتشارها.

ويتحسر لها العقلاء ولكنهم واقعون في شراكها، ويبلغ الحرج مبلغه فيها حين يتحدث المتحدثون محذرين وهم- كغيرهم من الناس- في المحذور واقعون، ولكنها قضية لابد أن نصارح أنفسنا بها، ولابد أن نتعاون جميعًا في تشخيصها وعلاجها، ونرفع أكفَّ الضراعة لمولانا للعفو عن أَخطائنا، وإعانتنا على إصلاح أحوالنا {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (١)، {ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} (٢).


(١) سورة البقرة، الآية ٢٨٦.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>