للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإسلام! المتأمل في نصوص شريعتنا الغرَّاء يجدها ناصعة البيان في النهي عن الإسراف والتبذير والأمر بالتوسط والاعتدال، فلا تُغلُّ الأيدي إلى الأعناق بُخلًا وتقتيرًا، ولا تُبسط كلَّ البسط إسرافًا وتبذيرًا {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} (١). {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} (٢).

ومشكلتنا- أحيانًا- عدمُ التفريق بين ما أمر به الإسلام، وما عنه نهى، وتختلط الأمور في حساباتنا فلا نكاد نُفرق بين كرم الضيافة، والرياء، وبين أخذ الزينة والخيلاء، وبين ما ينبغي أن يتسابق فيه المتسابقون من أعمال الخير ابتغاء مرضات الله، وبين ما ينفق وهو يحمل المنَّ والأذى؟ فرق بين من يقف عند المباحات في الدين، ومن يتجاوزها إلى المحرمات، {كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون} (٣).

أيها المسلمون! هذه وقفة عند مظهر من مظاهر الإسراف، ربما يكون من أكثرها شيوعا .. وإن كان غيرها لا يقل عنها خطرًا، إنه الإسراف في حفلات الزواج وما يسبقها وما يعقبها. ويعلم الله كم يفرح المسلم بإعلان الزواج فذاك فرق بين النكاح المشروع، وفاحشة الزنا الممنوع.

وكم يُسرُّ المسلم لوليمة النكاح تُحقق بها السنة، ويتقارب بها الأرحام، وإطعام الطعام من الإسلام، وهو طريق موصل إلى الجنة بسلام لمن رضي الله عنه وقبله، ولكن المأساة حين يدخل الإسراف أفراحنا، ويعكر علينا صفو حياتنا. وهاكم نماذج من الإسراف في الزواج، فالمغالاة في المهور وإثقال كواهل الشاب بالديون إسراف


(١) سورة الإسراء، الآية: ٢٩.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٦٧.
(٣) سورة يونس، الآية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>