وقبل هذا لابد أن يحرر مفهوم الإسراف، والعلماء يقولون: إن بذل المال في سبيل الخير والحق لا يعد إسرافًا ولو أنفق ماله كله، وبذله في غير وجه الحق يعد إسرافًا ولو كان المنفق قليلًا.
فلدينا إسراف في المطعم والمشرب، فتجاوز اللقيمات اللاوتي يقمن الصلب، ونتعدى في الأنْصبة التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم للطعام والشراب والنفس والراحة، حتى يستطيع المرء أن يذكر ربَّه وينشط لعبادته بيسر وراحة، قال عليه الصلاة والسلام:((ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محاله فثلث لطعامه، وتلث لشرابه، وثلث لنفسه)).
ونبالغ- أحيانًا- في اتباع ذلك لكميات من المشروبات، فتجتمع كلُّها في المعدة فتتعب في هضمها، ويطير منها ما يطير إلى الدماغ فيثقله عن التفكير ويسلمه للكسل والخمول، وإلى القلب فيقسيه.
ومع ما في هذا الإسراف- في المطعم والمشرب- من أضرار، فالمصيبة أعظم حين يتجاوز المسلم في أكله وشربه الحلال إلى الحرام، ((وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به)) (١).
ونسرف في الملبس حين نبالغ في جمع كمية من الملابس نلبس بعضها ولا نحتاج لبعضها الآخر، ولئن لم يسلم الرجال من الإسراف في الملبس، فالأمر عند النساء أعظم وأخطر، وبعضهن مشغوفة بكل موضة جديدة، وعلى علم بأحدث الموديلات الوافدة. ومحلات عرض الأزياء نموذج للإسراف في حياتنا، واعتقاد بعض النساء بضرورة الجديد الذي لم يُر من قبل لكل مناسبة- لا أساس له في