للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسرف في الصمت حين يقل ذكر الله على ألسنتنا، ويندر تعطير أفواهنا بكتاب ربِّنا، نرى المنكر ونغتاظ له، فلا ننكره بألسنتنا مع قدرتنا على ذلك، ونحبَّ المعروف ولا نأمر به مع قدرتنا عليه، {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.

وقد عقد ابن القيم يرحمه الله فصلًا في (الهدي) فيما يكره من الألفاظ مثل: زعموا، وذكروا، وقالوا .. ونحوه.

تم عقد فصلًا آخر حذَّر فيه كلَّ الحذر من طغيان «أنا» و «لي» و «عندي» فإن هذه الألفاظ الثلاث ابتُلي بها: إبليس، وفرعون، وقارون، كما ورد في كتاب الله {أنا خير منه} و {لي ملك مصر} و {إنما أوتيته على علم عندي}. ثم قال: وأحسن ما وضعت له ((أنا)) قول العبد: أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر ... ، و ((لي)) في قوله: لي الذنب ولي المسكنة ونحوه، و ((عندي)) في قوله: اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكلُّ ذلك عندي (١).

أيها المسلمون! نسرف في المدح أحيانًا ونزيد في الثناء بما هو واقع وغير واقع، ونقطع أعناق من نمدح من حيث نشعر أو لا نشعر، ويسري المدح فينا إلى درجة تنسينا أخطاءنا، ولربما اتهمنا من اقتصد في الثناء علينا، وأنّى لنا أن نجترئ على رمي الحجارة في وجوه المدَّاحين، أو قطع النول عنهم، كما أرشدنا إلى ذلك ديننا، وجاء الهدي عن نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)) (٢).

قال ابن الأثير في النهاية ١/ ٣٣٩ - المعنى: أي ارموا، يقال حثا، يحثو، حثوًا


(١) زاد المعاد ٢/ ٢٧٤، ٢٧٥.
(٢) رواه أحمد ومسلم وغيرهما (صحيح الجامع الصغير ١/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>