للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالٌ على شأن، وصدق الله إذ يقول: {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} (١).

سبيل الخلق كلِّهم الفناء ... فما أحد يدوم له البقاء

يقربنا الصباح إلى المنايا ... ويدنينا إليهن المساء

فلا تركب هواك وكن مُعَدًّا ... فليس مقدَّرًا لك ما تشاء

يقول الربيع بن برَّة: عجبت للخلائق كيف ذهلوا عن أمرٍ حقٍّ تراه عيونهم، تشهد عليهم معاقد قلوبهم إيمانًا وتصديقًا بما جاء به المرسلون، ثم ها هم في غفلة عنه سكارى يلعبون! .

ثم يقول: وايم الله ما تلك الغفلة إلا رحمة من الله لهم ونعمةً منَّ الله عليهم، ولولا ذلك لأُلفي المؤمنون طائشة عقولهم طائرة أفئدتهم، منخلعة قلوبهم، لا ينتفعون مع ذكر الموت بعيش أبدًا (٢).

ابن آدم إنما أنت جثة منتنة طيّب نسيمك ما ركب فيك من روح الحياة، ولو قد نزع منك روحك ألفيت نفسك جثة ملقاة منتنة وجسدًا خاويا، ومهما تطاولت فلن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا، أتراه عمَّر من قبلك، أم كانوا أحاديث وعبرة للمعتبرين {فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} (٣).

تُرى ما قيمة الحياة في نظرك؟ أيكفي أن تعيش نهارك هائمًا على وجهك بلا هدف نبيل، وتقضي ليلك نائمًا دون ذكر وتفكر في ساعة الرحيل؟ إنها عيش


(١) سورة الرحمن، ١ الآيتان: ٢٦، ٢٧.
(٢) ابن الجوزي، صفة الصفوة ٣/ ٣٥٣.
(٣) سورة سبأ، الآية: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>