للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللحظات أحوج ما يكونون إلى شربة ماء، أجل لقد صحّ الخبر عن المعصوم عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((للصائمين بابٌ في الجنة يقال له الريَّان، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق، من دخل فيه شرب، ومن شرر لم يظمأ أبدًا)) (١).

أمة القرآن وفضائل الصوم، ومناقب رمضان كثيرة ليس هذا مجال حصرها، وإنما أردت التنبيه على شيء منها وتسمعون الكثير، ولكن هذه الفضائل وغيرها لشهر الصيام لابد لاكتمال الأجر فيها، وتحقيق المقصود منها من مراعاة أمرين هامين جاءت نصوص الشرع بإيضاحهما، ويقعُ الخطأ كثيرًا فيهما.

الأمر الأول: الإيمان والاحتساب، قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه)) (٢).

قال العلماء: النيةُ شرط في وقوع الأعمال قربة، والمراد بالإيمان الاعتقاد بحقِّ فرضية صومه، وبالاحتساب طلبُ الثواب من الله تعالى، وقال الخطابي: احتسابًا أي عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيبةً نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (٣).

فصوموا أيها المسلمون وأنتم مؤمنون محتسبون، ولا يكن الصيام عندكم مجرد عادةٍ، أو مجاراة للآخرين، وليس يخفاكم أن تبييت النية من الليل شرطٌ للصيام


(١) رواه النسائي وغيره بسند صحيح (صحيح الجامع الصغير ٥/ ٤١) وانظر الرواية باختلاف يسير في شرح السنة ٦/ ٢٢ وحسن إسناده المحقق.
(٢) رواه البخاري، الفتح ٤/ ١١٥ باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا.
(٣) الفتح: ٤/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>