للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول صلى الله عليه وسلم، فالحقُّ أنهم يتقلبون في ظلماتٍ وإن لم يحسوا بها، بل لقد قيل: إنهم يتقلبون في عشر ظلمات: ظلمة الطبع، وظلمة الجهل، وظلمة الهوى، وظلمة القول، وظلمة العمل، وظلمة المدخل، وظلمة المخرج، وظلمة القبر، وظلمة القيامة، وظلمة في دار القرار، فالظلمة لازمة لهم في دورهم الثلاث (١).

وفي التنزيل: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} (٢). وفيه أيضا: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} (٣).

أما المؤمنون، أما المتابعون لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فالنور يحيط بهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وفي محياهم وبعد مماتهم، وإن خيِّل للآخرين أنهم في ظلمات وضيق، ولئن غاب هذا النور عن بعض من يراهم في الدنيا فهو مكشوف غدًا أمام الخليقة كلها {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} (٤)، وتبقى بعد ذلك الدعوة لمن شاء أن يؤتى هذا النور مرهونة بالتقوى والإيمان {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل


(١) اجتماع الجيوش- لابن القيم ٤٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٥٧.
(٣) سورة النور، الآيتان: ٣٩، ٤٠.
(٤) سورة التحريم، الآية: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>