للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم} (١).

قال ابن القيم رحمه الله: وفي قوله تعالى: {تمشون به} نكتة بديعة وهي: أنهم يمشون على الصراط بأنوارهم، كما يمشون بها بين الناس في الدنيا، ومن لا نور له فإنه لا يستطيع أن ينقل قدمًا عن قدم على صراط الله فلا يستطيع المشي أحوج ما يكون إليه (٢).

أيها المؤمنون! احذروا سبل الشيطان، فسبيل الله واحد مستقيم، وسبل الشيطان متفرقة معوجة، خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: ((هذا سبيل الله مستقيما) ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: ((وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه))، ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السل فتفرق بكم عن سبيله} (٣).

قال المفسرون: إنما وحّد سبيله لأن الحق واحد، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها (٤).

عباد الله! عصمني الله وإياكم والمسلمين من فتن الأهواء، وحفظنا من الابتداع في الدين، أو الانخداع بالمضلين والمنافقين ودونكم هذا الأثر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه -أعلم الناس بالحلال والحرام- فاعقلوه، قال معاذ يوما: إن وراءكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والعبد والحر والصغير والكبير فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟


(١) سورة الحديد، الآية: ٢٨.
(٢) اجتماع الجيوش ٤٤.
(٣) رواه أحمد والنسائي والدارمي والحاكم وصححه. انظر تفسير ابن كثير ٢/ ٣١٥.
(٤) تفسير ابن كثير ٢/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>