للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكل حال فليس هذا من منهج العلماء الربانيين، قال عبد الرحمن ابن مهدي يرحمه الله وغيره: أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم (١).

أيها المسلمون! في سياق الخير حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع سنن هؤلاء فقال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضبِّ لدخلتموه)). قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: ((فَمَن؟ )) (٢).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرًا بشبر وذراعًا بذراع)). فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ((ومن الناس إلا أولئك)) (٣).

قال ابن تيمية يرحمه الله، فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى -وهم أهل الكتاب- ومضاهاةٌ لفارس والروم وهم الأعاجم.

أيها المؤمنون! إذا كان الله قدر وهو أعلم وأحكم، وأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ووقع كما أخبر بتفرق الأمة واتباع سنن السابقين فقد اقتضت مشيئة الله وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربِّه ببقاء طائفة ثابتة على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة -كما في الحديث المتفق على صحته- وأخبر عليه الصلاة والسلام: ((إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة)) (٤).

ويظل الخير في هذه الأمة يتنامى وغرس الخيرية يتتابع، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٧٣، ٧٤.
(٢) متفق عليه.
(٣) كتاب الاعتصام من الصحيح ح ٧٣١٩.
(٤) رواه الترمذي وغيره بسند صحيح (صحيح الجامع ح ١٨٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>