للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث أيها المسلمون عن النفاق والمنافقين حديث يبدأ ولا ينتهي، كيف لا وقد جاء الحديث عنهم في أكثر من نصف سور القرآن المدنية، إذ ورد الحديث عنهم في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ما يقرب من ثلاثمائة وأربعين آية من كتاب الله العزيز (١)، حتى قال ابن القيم رحمه الله: كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم (٢).

إخوة الإيمان! بلية الإسلام بالمنافقين شديدة جدًّا؛ لأنهم منسوبون إليه وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كلِّ قالب يظن الجاهل أنه علمٌ وإصلاح وهو غاية الجهل والإفساد، فلله كم من معقل للإسلام هدموه، وكم من حصن له قلعوا أساسه وخربوه، وكم من علم له قد طمسوه، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشّبه في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبليَّه، ولا يزال يطوقه من شبههم سريَّة بعد سريّة، ويزعمون بذلك أنهم مصلحون {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} (٣)، كذلك قال العارفون في وصفهم (٤).

أيها المسلمون تُصاب الأمة في مقتلها إذا أتيت من قبل أبنائها، وينجح الأعداء ويتبجحون إن استطاعوا أن يوظفوا من أبناء المسلمين من يحارب الإسلام وقيمه، ويشكك في الانتماء له، ويسخر من المنتسبين له، والمصيبة أعظم حين يمتطى الدين في سبيل تشويه سمعة المتدينين.


(١) حديث الإفك، عبد الحليم العبد اللطيف، ٤٠، ٤١.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٣٨٨.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٢.
(٤) المصدر السابق: ١/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>