للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} (١).

البنيان الذي يقام بهم أوهى من بيت العنكبوت، والآمال التي تعلَّق عليهم تتلاشى كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يعتد بهم في الخطوب، ولا يعتمد عليهم حين الشدائد، وإذا كانوا لا يتمالكون أنفسهم حين الفزع ويحسبون كلَّ صيحة عليهم، وإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت، فأنى لهم أن يسعفوا من ركن إليهم أحوج ما يكون إليهم، وحريٌّ بمن رام التعامل معهم أن يقرأ شيئًا من صفاتهم في كتاب الله المعجز، ولا ينبئك مثل خبير.

إخوة الإسلام .. وهاكم أركان النفاق الأربعة كما يصورها ابن القيم يرحمه الله إذ يقول: زرع النفاق ينبت على ساقيتين، ساقية الكذب، وساقية الرياء، ومخرجهما من عينين: عين ضعف البصيرة، وعين ضعف العزيمة، فإذا تمت هذه الأركان الأربعة استحكم نبات النفاق وبنيانُه.

ولكنه بمدارج السيول على شفا جُرُفٍ هارٍ، فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبلى السرائر، وكشف المستور، وبعثر ما في القبور، وحُصِّل ما في الصدور، تبين حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق: أن حواصله التي حصَّلها كانت كالسراب {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب} (٢).

إخوة الإيمان! وزعُ النفاق، ونماذج المنافقين كما وجدت في عهد النبوة استمرت في العصور الإسلامية، فهي موجودة في زماننا هذا، ولا يكاد يخلو منها


(١) سورة البقرة، الآية: ١٤، (عبد الرحمن الدوسري رحمه الله، النفاق وآثاره ومفاهيمه ١١٢).
(٢) سورة النور، الآية: ٣٩. انظر: مدارج السالكين ١/ ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>