للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله! وقد سبق بداية الحديث عن المنافقين وخطرهم وكثرتهم وبلية الإسلام بهم، ومحنة المسلمين معهم، وانخداع البعض بهم، وخوف المؤمنين على أنفسهم من النفاق لخفائه وتشعبه، ووعدت في هذه الخطبة بالحديث عن سماتهم وصفاتهم في الكتاب والسنة. والحديث عن صفات المنافقين وعلاماتهم يكشف لنا طرفًا من إعجاز القرآن الكريم حين فضح السابقين منهم رغم خفائهم وتسترهم بنفاقهم.

وبقيت آيات القرآن وستبقى هادية لمعرفة المنافقين في كل زمان ومكان لمن تأمل ونظر بنور الله، ولا يزال المؤمنون يدركون عظمة القرآن ودقة تعبيره كلما أطلَّ النفاق برأسه، وبرزت طوائف من المنافقين، نعم أيها المسلمون ليست ظاهرة النفاق مرحلة مرَّت في التاريخ وانتهت .. كلا وقد سمعتم قول صاحب سرِّ المنافقين حذيفة رضي الله عنه وهو يقول: المنافقون الذين فيكم شرٌّ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول الإمام مالك رحمه الله: النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم، وإذا توسع مصطلح النفاق وتعددت مسميات المنافقين في عهد الإمام مالك رحمه الله، أمكن أن يطلق على المنافقين أكثر من مسمى في هذا الزمان إذا توفرت فيهم سيما المنافقين (١).

ويقول ابن تيمية رحمه الله: والمنافقون ما زالوا ولا يزالون إلى يوم القيامة (٢).

وكذلك قال ابن القيم رحمه الله معللا ذكرهم في القرآن حيث قال: واعلم أنه كلما انقرض منهم طوائف خلفهم أمثالهم، فذكر أوصافهم لأوليائه ليكونوا منها على حذر .. (٣).


(١) تفسير القرطبي ١/ ١٩٩، حديث الإفك ١٠٣.
(٢) الفتاوى ٧/ ٢١٢.
(٣) مدارج السالكين ١/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>