للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله! إذا تقرر منحة الإسلام والمسلمين بالمنافقين قديما وحديثا كان لا بد من بيان سماتهم والتعرف على علاماتهم حتى يحذر المسلمون شرورهم ولا يتورطوا بشيء من خلال النفاق وصفات المنافقين على أن حصر جميع صفاتهم والإحاطة بكل علاماتهم ومواقفهم أمر يصعب ويطول وحسبي الإشارة إلى شيء منها.

إخوة الإيمان! أما وصف جوارح المنافقين، فأسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر فهي لا تسمع منادي الإيمان، وعيون بصائرهم عليها غشاوة العمى فهي لا تبصر حقائق القرآن، وألسنتهم بها خرس عن الحق فهم به لا ينطقون {صم بكم عمي فهم لا يرجعون} (١).

لقد حكم القرآن بكذب ألسنتهم ومرض قلوبهم وجاءت السنة ببيان قلوبهم المنكوسة، فقال تعالى: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} (٢).

وقال تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} (٣). وقال عليه الصلاة والسلام: ((القلوب أربعة .. )) فذكر منها القلب المنكوس وهو قلب المنافق - لأنه عرف الحقّ ثم أنكره (٤).

والمنافقون مع كذبهم يخلفون الميعاد، ويخونون الأمانة، ويغدرون حين يعاهدون، ويفجرون حين الخصومة، كذلك ثبت عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم علاماتهم،


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨، انظر ابن القيم، المدارج ١/ ٣٨٠.
(٢) سورة المنافقون، الآية: ١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٠.
(٤) رواه أحمد بسند جيد حسن. كما ذكر ابن كثير في تفسيره ١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>