للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكشف عورهم مرة أخرى بالسخرية بالمتطوعين من المؤمنين ووعدهم العذاب الأليم فقال تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم} (١).

تُرى أيضيق المستهزئون اللاحقون بالدين والمتدينين على قوارع القرآن بأسلافهم السابقين، أم تُراهم -لشدة جُرمهم- لا ينتفعون بواعظ القرآن وإن سمعوه، كما طُبع على قلوب من سبقهم {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم} (٢). ويح المنافقين وهم يظنون أنهم يخدعون أهل الإيمان بادعاء الإيمان، ويصرحون لشياطينهم بصدق المودة: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون}.

عباد الله! من سيما المنافقين أن ولاءهم للكافرين وإن عاشوا بين ظهراني المسلمين، وقلوبهم مع أعداء الدين، وإن كانوا بألسنتهم وأجسامهم وعدادهم في المسلمين، يخشون الدوائر فيسارعون للولاء والمودة للكافرين، ويسيئون الظن بأمتهم فيرتمون في أحضان أعدائهم ويزعمون إبقاء أيادٍ عند الكافرين تحسبًا لظفرهم بالمسلمين {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين} (٣).

والمنافقون حين الوقيعة أشدُّ خوفًا وأعظم هلعًا، تدور أعينهم كالذي يُغشى عليه من الموت، وودّ المنافقون إذا حلَّ بالمسلمين عدوّ أنهم بعيدون عن مواقع النزال،


(١) سورة التوبة، الآية: ٧٩.
(٢) سورة محمد، الآية: ١٦.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>