الله وتدبيره في العبيد فالمغبون حقًا من يدخل عليه الشهر ويخرج ولم يستفد شيئًا، ألا وكلنا ذاك المخطئ الذي يرجو مغفرة ربه وتكفير سيئاته، ورمضان فرصة لتكفير السيئات، ويجد المرء فيه من العون ما لا يجده في الأشهر الأخرى، ففرص الطاعة تتوفر، وأبواب الجنة تفتح، ودواعي الشر تضيق، وأبواب النار تغلق، به تنشرح صدور المؤمنين، وبه تصفد مردة الشياطين، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره من الشهور، وهذه وتلك تعين المرء على تكفير سيئاته وتدفعه إلى عمل الصالحات التي بها يكفر الله السيئات، قال تعالى:{إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}(١) ومحروم من أدركه رمضان فلم يغفر له، فأي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بحديثه على منبره في مساءلة بينه وبين جبريل عليه السلام، وقد جاء فيها:«من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين».
وإذا كان الله يدعو عباده إلى التوبة النصوح الصادقة في كل زمان، ويقول جل ذكره:{يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا} ويقول تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
فإن التوبة في رمضان أحرى وأولى، فهو شهر تسكب فيه العبرات، وتقال فيه العثرات، ويحصل به العتق من النار، ومن منا لا يتلبس بخطأ هو أدرى به من غيره، ومن منا لا يصر على معصيته كبرت أو صغرت .. أو ليس حريًّا بنا في رمضان أن نتخفف من الأوزار، ونقلع عن المعاصي والموبقات فيستشعر لذة رمضان ونحس بأثره في نفوسنا وسلوكياتنا، ولا يكن رمضان وغيره سواء.