للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن رمضان فرصة لمحاسبة النفس، وينبغي أن يكون رمضان مذكرًا لنا بما اقترفنا طيلة العام فما وجدنا من خير حمدنا الله وازددنا، وما وجدنا عملنا فيه من سوء تبنا إلى الله واستغفرنا وتصدقنا، وأكثرنا من عمل الصالحات حتى تعفوا على السيئات، ووعدنا أنفسنا ألا تتكرر أخطاؤنا، وألا نرخي العنان لشهواتنا، فإذا حافظنا على ذلك وحافظنا قبله على الصلوات الخمس، والجمعة والجماعة، كنا ممن فقه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لا بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (١).

ومن دواعي التوبة في رمضان الصبر، فالصوم كما جاء في الحديث «نصف الصبر» (٢).

والصوم يربي النفس على الصبر وتحمل المشاق، وإذا كان الصائم يصبر نفسه عن ما أحل الله له من الطعام والشراب والمنكح، فلا شك أن صبره عن ما حرم الله عليه من باب أولى. وهكذا يخرج المسلم من شهر الصيام وقد تدرب على الصبر، وانتهي في حسبانه أي شيء كان يظنه مستحيلاً، أو ليس المدمن على التدخين مثلاً كان لا يطيق الصبر عنه بضع سويعات فإذا به في شهر الصيام يصبر عنه الساعات الطوال .. أو ليس في ذلك فرصة للإقلاع منه والخلاص من أسره بدءًا من شهر الصيام .. وهكذا فكل من فتن بشيء محرم وصبر نفسه عنه في شهر الصيام فجدير به أن يقلع عنه ويتوب إلى مولاه، وهذا من المستفيدين حقًّا من حكم الصيام ومثله يفقه حقيقة التقوى في الصيام، كما قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}.


(١) رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وفي إسناده موسى بن عبيدة، متفق على ضعفه، رمضان مدرسة الأجيال، ناصر العمر/ ٣٠.
(٢) رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن، عبد الله الفوزان، أحاديث الصيام/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>