للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المنافقين، ولو كان من شرار الخليقة وكبار المستهزئين والمناوئين للدين والمتدينين الصادقين .. لكنها الأعمال تكشف أهل النفاق.

ولحنُ القول يحدد هوية المنافقين، والله يقول وهو أصدق القائلين {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول} (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله: ((فمعرفة المنافقين في لحن القول ثابتة مُقسم عليها، لكن هذا يكون إذا تكلموا، وأما معرفتهم بالسيما فهو موقوف على مشيئة الله)) (٢).

عباد الله! النفاق كلُّه شرٌّ وبليّة، ولكنه نوعان كما قال ابن كثير: اعتقادي: وهو الذي يخلد صاحبه في النار (وهو الذي يُظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر) وعملي وهو منْ أكبر الذنوب (وهو التلبس بشيء من علامات المنافقين كالكذب في الحديث، والخُلف في الوعد، ونحوها) (٣).

والنفاق أكبر وأصغر -كما قال ابن تيمية- كالكفر، نفاق دون نفاق، ولهذا كثيرًا ما يقال: كفرٌ ينقل عن الملة، وكفرٌ لا ينقل عن الملة، ونفاق أكبر، ونفاق أصغر .. كما يؤكد شيخ الإسلام أن المنافقين ليسوا بدرجة واحدة ويقول: لم يكن المتهمون بالنفاق نوعا واحدا، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق، وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق (٤).

إخوة الإسلام! ذلك مؤشر على كثرة النفاق وتعدد شعبه حتى إنه ليُداخل أهل


(١) سورة محمد، الآية: ٣٠.
(٢) الفتاوى ١٧/ ١١٨.
(٣) انظر ابن كثير في التفسير مختصرًا ١/ ٧٢.
(٤) الفتاوى ٧/ ٥٢٣، ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>