للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان في حال ضعفهم، ويكون تهمة تُوجه إليهم، ألم يقل عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه في شأن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه: ((دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق)). وذلك حين كاتب حاطب المشركين بمكة ببعض أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم؟

وحين احتملت سعد بن عبادة رضي الله عنه الحمية وانتصر لابن أبيّ في قصة الإفك، قال له أسيد بن حضير رضي الله عنه: إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين.

وكذلك قول من قال من الصحابة عن مالك بن الدُّخشم: منافق، وإن كان قال ذلك لِما رأى فيه من نوع معاشرة ومودةٍ للمنافقين (١).

أيها المؤمنون! هذا يدعو إلى الحذر من النفاق صغيره وكبيره، دقِّه وجلّه، العملي منه والاعتقادي، فقد يؤول النفاق الأصغر بصاحبه إلى النفاق الأكبر، وفي هذا يقول ابنُ رجب رحمه الله: ((والنفاق الأصغر وسيلة وذريعة إلى النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريدُ الكفر فكما يُخشى على من أصرَّ على المعصية أن يسلب الإيمان عند الموت، كذلك يُخشى على من أصرَّ على النفاق أن يُسلب الإيمان فيصير منافقًا خالصا)) (٢).

أيها المسلمون! إذا كان الرياءُ أحد شعب النفاق، وهو شرك أصغر، وهو كما قال عليه الصلاة والسلام: ((أخفى من دبيب النمل)). حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: وكيف ننجوا منه وهو أخفى من دبيب النمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلمة إذا قلتها نجوت من دقَه وجلِّه؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)) (٣).


(١) الفتاوى ٧/ ٥٢٣.
(٢) جامع العلوم والحكم، ٢/ ٤٩٢.
(٣) رواه أبو حاتم في صحيحه وغيره (الفتاوى ٧/ ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>