للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام فيما وراء النهر وغيرها من بلاد الله (١).

تُرى ما الذي حلَّ بالمسلمين حتى تراجعوا عن مراكز القيادة، ولم يتركوا الجهاد فقط، بل تخطفهم العدوُّ وغزاهم في قعر دارهم: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٢). ومن لم يَغْزُ غُزي، ومن لم يدع إلى الخير دُعي للشر.

أمة الإسلام، ومع فترات الضعف التي تمر بها الأمة المسلمة أحيانًا - فهي أمة خير، وذات رحم ولودَ، بل وذات رسالةٍ خالدةٍ، وقد يفتر جيلٌ أو يتراخى أهلُ عصرٍ ثم يبعث الله جيلًا آخر أكثر قوة وشجاعة، فينصر الله بهم الدين، ويَكبت الأعداء، ويفضح المنافقين.

ومن سمات هذه الأمة أن الجهاد فيها ماضٍ إلى يوم القيامة، ومع البَرِّ والفاجر، وذلك بخبر الذي لا ينطق عن الهوى حين قال: «الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يوم القيامة؛ الأجرُ والمغنم» (٣).

واستنبط العلماء من الحديث: بشرى بقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن مِنْ لازم بقاءَ الجهاد بقاء المجاهدين وهم مسلمون (٤).

أيها المسلمون: ونحن نرى اليوم كم أَرهبت حركات الجهاد -وإن كانت متواضعة - أعداء الله، فأطفال الحجارة في فلسطين، هددوا كيان العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، وكم أَرعب الأفغان والشيشان من بعدهم روسيا الشيوعية -على الرغم من فارق العددِ والعُدَّة، وهكذا الأمر في البوسنة والهرسك وكوسوفا،


(١) البلدان الإسلامية والأقليات، محمود شاكر وزملاؤه ص ٣٢٨، ٣٢٩.
(٢) سورة الرعد: الآية ١١.
(٣) رواه البخاري، «الفتح»: ٦/ ٥٦.
(٤) ابن حجر، «الفتح»: ٦/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>