للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكَر اللهَ عند دخولِه وعند طعامِه قال الشيطانُ: لا مَبيتَ لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكرِ الله تعالى عند دخولِه قال الشيطان: أدركتمُ المبيتَ، وإذا لم يذكرِ اللهَ تعالى عند طعامِه قال: أدركتم المبيتَ والعَشاءَ» (١).

أيها المسلمون: وهناك فرق بين عداوة الشيطان للإنسان، وعداوة الإنسان للإنسان، أبانَ الله عنها في ثلاث آيات لا رابع لهن، فتأملوهن وتأملوا ما فيهن من توجيه وفرق، قال في الأولى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)} (٢)، وقال في الثانية: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (٩٨)} (٣)، وقال في الثلاثة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، إلى قوله: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٤).

قال الحافظ ابن كثير يرحمه الله: فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها، وهو أن الله تعالى يأمر بمصانعة العدو الإنسي، والإحسان إليه ليرده عن طبعه الطيب الأصل إلى الموالاة والمصافاة، ويأمرُ بالاستعاذة من العدو الشيطاني لا محالة، إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانًا، ولا يبغي غير هلاك ابن آدم لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل.

فهل نتنبَّه لطبيعة العداوة مع الشيطان، وهل نراغمه في الإصلاح فيما بيننا؟


(١) شرح النووي ١٣/ ١٩٠.
(٢) سورة الأعراف: الآية ١٩٩، ٢٠٠.
(٣) سورة المؤمنون: الآية ٩٦ - ٩٨.
(٤) سورة فصلت: الآية ٣٤ - ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>