للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ضاع عليه باشتغاله بها. فإن أعجزه العبدُ عن هذه بأن كان حافظًا لوقته شحيحًا به نقله للتي بعدها وهي:

(٦) إشغاله بالعمل المفضول عن الفاضل ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل، ويفتح له أبواب خير كثيرة، كما ورد أنه يأمرُ بسبعين بابًا من أبواب الخير، إما ليتوصل إلى باب واحدٍ من الشر، أو ليفوت بها خيرًا أعظم من تلك السبعين وأجلَّ وأفضل، وهذه المرتبة لا يتوصلُ إلى معرفتها إلا بنور الله يقذفه في قلب العبد، يكون سببه تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه وأرضاها له، وهذا لا يعرفه إلا من كان من ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه في الأمة وخلافئه في الأرض، والله يمن بفضله على من يشاء من عباده.

اللهم مُنَّ علينا بفضلك ولا تجعل للشيطان علينا سبيلًا (١).

يا أخا الإيمان: وسائِلْ نفسَك مع أيِّ الأصناف أنت في المعترك مع الشيطان، فقد رُوي أن الشيطان تبدَّى ليحيى بن زكريا عليه السلام بهيئة الناصح، فكذبه يحيى، وطلب منه أن يخبره عن بني آدم، فقال: هم عندنا على ثلاثة أصناف:

أما صنفٌ منهم، فهم أشدُّ الأصناف علينا، نُقبل عليه حتى نفتنه ونستمكن منه، ثم يتفرغ للاستغفار والتوبة، فيفسد علينا كلَّ شيء أدركنا منه، ثم نعود فيعود، فلا نحن نيأسُ منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا، فنحن من ذلك في عناء.

وأما الصنف الآخر: فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم، نتلقفهم كيف شئنا، قد كفونا أنفسهم.


(١) بدائع الفوائد: ٢/ ٢٦٠، ٢٦٢ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>