للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبليس قال: أهلكت العباد بالذنوب، فأهلكوني بالاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون (١).

أيها المسلمون:

٦، ٧) والأمن من مكر الله، أو القنوط من رحمة الله كلاهما مدخلٌ للشيطان، فالأمن من مكر الله يورث الغفلة، والغفلة تورث التهاون، والتهاون سُلَّم الشيطان وسبب الخسران: {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (٢)، ومكرُ الله استدراجُه بالنعمة والصحة (٣).

وإذا لم يستطع الشيطان أن يدخل من باب الأمن من مَكْرِ الله شدد عليه الأمر حتى ييأس ويقنط من رحمة الله، والله يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (٤).

وإذا أردت السلامة من كيد الشيطان، فلا تأمن مكر الله، وتسرفْ على نفسك بالمعاصي، ولا تقنط من رحمة الله وتُبْ إليه واستغفره مهما عظمت ذنوبك، كن بين الخوف والرجاء، واخش الله واتَّقِه، وقل كما قال القائل:

يا ربِّ إنْ عظمتْ ذنوبي كثرةً ... فلقد علمتُ بأنَّ عفوَك أعظمُ

إنْ كان لا يرجوكَ إلا محسنٌ ... فبمن يلوذُ ويستجير المجرمُ

ما لي إليك وسيلةٌ إلا الرَّجا ... وجميلُ عفوكَ ثم أنِّي مسلمُ

قال تعالى في الحديث القدسي: «يا ابنَ آدم إنك ما دعوتَني ورجوتَنِي غفرتُ لك


(١) وقاية الإنسان: ص ٢٤٣.
(٢) سورة الأعراف: الآية ٩٩.
(٣) تفسير القرطبي: ٧/ ٢٥٤.
(٤) سورة الزمر: الآية ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>