للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحين تخلَّف نفرٌ من المسلمين عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة رغبتهم في الخروج، لكن حبسهم العذر، حينه نوَّه الرسول صلى الله عليه وسلم بفضلهم، وشملهم بعظيم الأجر من ربهم، وقال عنهم: «إن أقوامًا خَلْفنا بالمدينة، ما سَلَكنا شِعبًا ولا واديًا إلا وهم معنا، حَبَسَهُمُ العذرُ» رواه البخاري.

وهكذا سُجِّل هؤلاء المخلصون مع المجاهدين؛ لأنهم قعدوا راغمين معذورين (١).

وفي المقابل استحقَّ نفرٌ -ممّن خرجوا مع المسلمين - التقريع والفضيحة، بل ووصمة الكفر والإجرام؛ لأنهم خرجوا نفاقًا، وكان شغلهم -حين خرجوا - الإرجاف والاستهزاء بالمؤمنين: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (٦٥) لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (٢).

عباد الله: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلِّ امرئ ما نوى» حديث من أحاديث الذي لا ينطق عن الهوى، وهو أصل من أصول الإسلام، كان كثير من العلماء يفتتحون به مؤلفاتهم لأهميته وأثره على الأعمال قبولًا أو ردًا .. فهل نضع هذا الحديث أمام أعيننا في كل حركة نتحركها أو قولٍ نقوله، أو عمل نعمله.

إن الله لا يرضى أن يُشرك معه غيره في العبودية والطاعة: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٣).

وفي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك،


(١) الغزالي: «خلق المسلم» ص ٨١.
(٢) سورة التوبة: الآية ٦٥، ٦٦.
(٣) سورة الكهف: الآية ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>