للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} (١).

{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢).

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٣).

عباد الله: تلك وأمثالها من النصوص والمواقف نعلمها جميعًا، ويكاد يكون إيمانُنا بها متساويًا في حال الرخاء -لكن التفاوت حاصلٌ في حال الكروب والضراء، فمن الناس من لا تزيده المحنُ والنوازل إلا قوة في معتقده وتماسكًا في أخلاقه وثباتًا على الحق، ودعوةً للخلق، ومن الناس من يهلع ويجزع، ويخور ويضعف، ينحرف في سلوكياته، وتهتز قناعاته، وتحيط به الظنون السيئة بربه ودينه! بل ربما تشكك في الوعدِ الحقِّ الواردِ في كتاب ربِّه لنصرِ المؤمنين وكون العاقبةِ للمتقين، أو ربما ظن أن هذه الوعودَ للمؤمنين في الآخرة دون الدنيا، أو توهم أن النصوص الواردة لأمم سلفت، أما من بلغ بهم الفسادُ مبلغه، وبلغ بهم من الفرقةِ والضعف ما بلغ، فصعبٌ أن ينتصروا، ومستحيلٌ أن يجتمعوا في ظنه. وتلك واحدةٌ من أخطائنا في حال الشدائد والضراء.

أما الأخرى من أخطائنا -في ظل تلك الظروف - هي أننا ربما أحسَنَّا الظنَّ بأنفسنا أكثرَ مما ينبغي، ولربما أسأنا الأدب مع ربنا.

ولربما تساءل بعضنا: ولماذا لا ننتصر ونحن المسلمون؟ ولماذا تكون الغلبةُ لغيرنا وهم الكافرون؟ وفي ذلك تزكيةٌ للنفس، وغفلةٌ عن الأخطاء، وإصلاح للعيوب؟ ولن يتمَّ لنا النصرُ والتغييرُ حتى نغيِّرَ ما بأنفسنا: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ


(١) سورة غافر: الآية ٥١.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٣.
(٣) سورة الأنفال: الآية ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>