للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١). أما غير المسلمين فقد أخبر الله أنهم حين ينسون ما يذكرون به يفتح الله عليهم أبواب كل شيء، ولكن العاقبة وخيمة، والأخذ بغتة: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (٢).

ومن أخطائنا -زمن الشدائد - أننا تأسرنا اللحظة الحاضرة، دون أن نتطلع إلى مستقبل مشرق للإسلام والمسلمين، وهذا الشعور الخاطئ ضعفُ ثقةٍ بربِّنا، وعجزٌ عن قراءة تاريخ أسلافنا، وعدمُ إدراك لسنن الله في الكون ومداولة الأيام بين الناس، والمصيبة إذا قادنا هذا الشعورُ الخاطئ إلى القعود والكسل والهزيمة والاستسلام للواقع السيّئ دون محاولة للإصلاح والتغيير.

وحين نقول: ينبغي ألا تأسرنا اللحظة الحاضرة .. نستشهد بأحداث السيرة، فليس بين أحداث الهجرة ومطاردة الرسول والمؤمنين معه وبين فرقان بدر إلا سنتان. وليس بين معركة الأحزاب، التي ابتلي فيها المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا، وبين فتح مكة، التي انتشر فيها الإسلام وتحطمت قريش وكبرياؤها -إلا ثلاث سنوات. واقرأوا التاريخ الماضي والحاضر وستجدون أن الفرق بين زمن الهزيمة والنصر قد يكون محدودًا.

ويقابل هذا الخطأ خطأٌ آخر، لا يختلف عن سابقه، بل قد تكون نتائجه أسوأ؛ وذلك حين نستعجل الخُطا، ونظن أننا نتجاوز مراحل الزمن دون عمل مدروس، ثم يحصل التهور في اتخاذ الوسائل للوصول إلى الهدف .. وإذا كان أصحاب الخطأ الأول يحبطون أنفسهم بأنفسهم، فأصحاب الخطأ الثاني يصطدمون بالواقع


(١) سورة الرعد: الآية ١١.
(٢) سورة الأنعام: الآية ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>